السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد..
أعيش مشكلتي منذ أربع سنوات على الأقل، وقد أتعبتني كثيرا، والله المستعان، والشكوى إليه وحده، ولكن أرجو منكم النصيحة والعون.
بدأت المشكلة من غربتي في دولة عربية للدراسة، وقد كانت غربة شديدة علي، ولكنها كانت أيضا مفيدة وجميلة، تحملت السنتين الأوليين منها بكل مصاعبهما، ثم بعد ذلك بدأت امرأة عزيزة علي وهي من محارمي بالاتصال بي وإرسال الرسائل اليومية، محاولة العناية بي، كما أنها كانت تحبني كثيرا قبل سفري، وقد تأثرت كثيرا بها، فأحببت رسائلها واتصالها، وبدأت أشعر في نفسي مشاعر غريبة بالميل إليها والتعلق بها.
مع الزمن ازداد التعلق حتى رجعت إلى بلدي وقد كنت مشتاقا للعودة حتى أقضي حياتي معها ومع أهلي، وأتخلص من الغربة، ولكن.. بدأت بالزيارات المتكررة لها في بيتها ومجالستها الجلسات الطويلة دون ملل مني ولا منها، حتى بدأت لا أستطيع مفارقتها، وكلما فكرت وأنا عندها أنني لا بد أن أرجع إلى منزل والدتي أبكي بكاء شديدا، وبدأت قوة شوق عظيمة وتعلق شديد جدا يفيضان من قلبي نحو تلك المرأة، وأنا لا أدري ما حقيقته، فوالله لم أشعر بنفسي إلا وأنا أسيرٌ لها، أفكر فيها على مدار الساعة، مع بكاء شديد متواصل لا ينقطع، وأنا لا أدري ما أنا فيه، وقد كانت هي أثناء ذلك تحاول التخفيف عني، وتريد مساعدتي حتى نصحتني بالذهاب للطبيب النفسي، وفعلا ذهبت إليه فأعطاني بعض الأدوية، وأمرني بتركها بعض الأشهر، وقد كان الموت أهون علي من ذلك، فضاقت بي الأرض؛ ضعف جسمي واصفر، تغيرت علاقاتي مع الناس ونظراتي إليهم حتى انقطعت كلها تقريبا، بدأت أعتزل الناس وأسكن في بعض الفنادق، حتى قررت هي أن تقاطعني، وبدأت لا تجيب حتى على الهاتف.
وعندها لم أستطع التحمل: فكرت بالانتحار والموت، وظننت أنه بعيد وأنا في بلدي، فسافرت إلى دولة مجاورة أبحث عن الموت، ولا يتوقف البكاء ليلا ولا نهارا، ولكني لم أجد الموت، وأعلم أن الانتحار محرم في ديننا، فلم أجد بدا من الرجوع لبلدي، حتى مضت علي ستة أشهر وأنا على هذا الحال، كما أنني لم أرجع إلى الطبيب النفسي بعد ذلك اليوم.
وهكذا بدأت أكره جميع من حولي، ولم أعد أشعر بطعم صداقة، ولا حتى بوجود والدي، هذه الأشهر الصعبة علمتني كيف أحاول تحمل مشكلتي وتعلقي بهذه المرأة وحدي دون طلب مساعدتها -وهي التي تعلم عنها فقط- فظنت هي أنني قد شفيت من تعلقي بها، ولكن الحقيقة أن وساوس نفسي قد زادت، وما زال اليأس من الحياة والألم النفسي والبكاء والوحدة والتفكير بها مصاحبا لي في الليل والنهار، وأنا على ذلك منذ سنتين تقريبا، أشعر الآن أنها تغيرت نحوي، قد تكون بدأت تكرهني بعد أن كانت تحبني كثيرا، وذلك يتعبني جدا، كما أنني أواجه مشاكل كثيرة في دراستي وعملي.
أفكر في الزواج كحل، ولكن هذه المشكلة تمنعني من ذلك، أرجو منكم مساعدتي على تجاوز ما أنا فيه، هل الحل يكون بترك هذه المرأة مطلقا -وقد جربت ذلك ولكنه زاد المشكلة- أم يكون بالمحافظة على العلاقة معها؟
البعض ينصحني بالزواج من ابنتها التي لم تكمل السابعة عشرة من عمرها، وهي على قدر جيد من الجمال، أرشدوني بارك الله فيكم..
ما تشكو منه الآن هو أعراض لمرض الاكتئاب!! ولا أقول لك بأنك مريض؛ لأنه من غير الممكن أن أشخص حالتك من خلال كلام مكتوب. ولا أعرف هل استعذبت الحزن والعيش في دور "الضحية" أم أنك تريد أن تجعلني أتعاطف معك كي أوافقك على الاستمرار في العلاقة؟ أم أنك أصبحت تعاني من الاكتئاب بالفعل؟
فإذا كانت الإجابة على سؤالي الأخير هي "نعم" فاستمر في متابعة طبيبك النفسي.
على أي حال فإن أعراض الاكتئاب تتبدى على شكل حزن وانخفاض الروح المعنوية وتفكير في الموت وفقدان الشهية للطعام والعزلة عن الناس وعدم الاستمتاع بالحياة وغير ذلك..
يا سيدي ستخرج من أزمتك بإذن الله، عد إلى الحياة، ولا تسكن وحدك؛ بل ارجع إلى الحياة الاجتماعية، وابدأ بالأصدقاء الذين كانوا مقربين.
لقد بدأت العلاقة بينكما في شكل الاهتمام بك؛ فأنت في غربة، وفي حاجة إلى من يسأل عنك ويتابع مشاكلك، ولكنك نجحت في أن تمر عليك أول سنتين، وتتكيف مع تلك الغربة حتى وجدتها مفيدة وجميلة. ولكن بداية التقارب بينكما بهذه الطريقة قد يشير إلى أن العلاقة بدأت على هيئة مشاعر أمومة وهذا ما كنت تحتاجه. فما طبيعة علاقتك بوالدتك؟ هل هي على قيد الحياة؟ فإن كانت موجودة بارك الله فيها فاتصل بها وتقرب منها؛ فأنت في حاجة إلى اهتمامها بك.
أنت شاب ولديك حاجات غريزية، وفي حاجة إلى إشباعها، وقد تركت نفسك لتلك المشاعر مع المرأة التي كانت أمامك إلى أن تعمقت العلاقة. ما أوصلكما إلى ذلك اتصالاتها ورسائلها المستمرة في بادئ الأمر، ثم زياراتك الطويلة لها دون محاولات منكما لتحجيم العلاقة ووضعها في حجمها الطبيعي.
المهم: لقد أحسنت صنعا حين ابتعدت عنها، أعرف أنك تتألم، ولكن الألم لا يوازي عذاب الآخرة، كما أن تعبك لن يطول ما دمت قد لجأت للعلاج. ولا أعرف إلى أي مدى وصلت، ولكن من المتوقع أن تصل إلى الزنا إذا لم تستمر في التوقف والابتعاد عنها. واقرأ:
نار في فراش العمة : ملف زنا المحارم
زنا المحارم.. "ولا تتبعوا خطوات الشيطان"
زنا المحارم: سيف الجنس المسلول
أظن أن الأمر أعمق من الأعراض التي تشكو منها؛ فهي أعراض علاجها متيسر وممكن بإذن الله، ولكن ما أريدك أن تتحدث به مع نفسك هو طبيعة علاقتك بالجنس الآخر، ومدى إحساسك بأنك يمكن أن تكون مقبولا ومحبوبا من قبل الإناث؟ أنت إنسان مكافح وعلى درجة علمية عالية؛ فهل ترى هذه الإيجابيات وغيرها؟
لا تتسرع في موضوع الزواج دون تعقل للأمور، فكيف تتزوج من فتاة تحب أمها بهذا القدر؟ هل ستتزوجها كي توثق العلاقة بالأم وتعطي لنفسك فرصا أطول للبقاء معها؟ فإن فعلت فإنك تظلم ابنتها التي لا ذنب لها فيما يحدث.